تهدد خلافات بين وزارة الحج السعودية ووزارة السياحة المصرية حول تأشيرات العمرة الكثير من المصريين بالحرمان من أداء مناسك العمرة.
ويعيش المصريون الراغبون في أداء العمرة حالة “اختيار” بين تلبية رغبتهم في زيارة بيت الله الحرام بعد عامين من إيقاف تأشيرات العمرة بسبب تداعيات فيروس كوفيد 19، وبين إمكانية التعرض لأزمة في مطار القاهرة ومنعهم من السفر بحجة مخالفة قانون بوابة العمرة الذي صدر في 20 يونيو/حزيران من العام الماضي 2021.
القصة تفجَّرت بعدما انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي تغريدات ومنشورات عن خلافات بين وزارة الحج السعودية ووزارة السياحة المصرية حول تأشيرات العمرة، حيث جاء قرار الوزارة السعودية بمنح تأشيرات العمرة للراغبين مباشرة عبر موقعها الإلكتروني، دون الحاجة للحصول عليها عبر شركات السياحة.
وهو الأمر الذي يتعارض مع الترتيبات التي وضعتها مصر من خلال قانون بوابة العمرة، كما أنه يضر شركات السياحة المصرية التي تعتمد غالبيتها على نصيبها من تأشيرات العمرة والحج السنوية لتحقيق أرباح خصوصاً في السنوات الأخيرة في ظل تراجع حركة السياحة الوافدة إلى مصر، ويضر وزارة السياحة نفسها التي تحصل على نسب من تلك الشركات.
والمشكلة لها أكثر من وجه، أولها وأهمها أن رحلات العمرة والحج ظلت لعقود من الزمن هي المنفذ الأساسي لأغلب الشركات السياحية في مصر لتحقيق أرباح طائلة، لأن المسألة بالنسبة لها كانت في غاية السهولة أو مثلما نقول في مصر مثل طابع البريد الذي يجب على كل من يرسل خطاباً أن يشتريه.
فالكثير من المصريين يريدون أداء مناسك الحج أو العمرة، ومنذ أن عملت في هذا المجال قبل 30 عاماً وعدد الراغبين يزيد على عدد التأشيرات المسموح بها، ولهذا كانت الشركات تحصل أرباحاً هائلة تغطي تكاليف تشغيلها عن باقي السنة.
لكن أغلب الشركات تعرضت لنكسة مخيفة عندما أصدرت السلطات السعودية قبل عامين قراراً بوقف تأشيرات العمرة والحج، وعندما أعادته كانت السلطات المصرية قد انتبهت لـ”الكنز” الذي يمكن أن تجنيه من وراء رحلات الحج والعمرة.
فقررت الدولة المصرية استحداث قانون بوابة العمرة لتتمكن من جني الأموال من شركات السياحة التي اضطرت بدورها لرفع اسعارها لتغطية المصروفات التي تسددها للدولة ممثلة في وزارة السياحة من جهة، وكذلك تغطية النقص الواضح في أعداد تأشيرات العمرة التي حصلت عليها مصر والتي لم تزِد عن 20 ألف تأشيرة لعمرة رمضان.
وبالتالي وصل نصيب بعض الشركات الصغيرة إلى 15 تأشيرة فقط، مشيراً إلى أن وزارة السياحة والآثار حددت فئات الرسوم المقررة على كل شركة سياحية خلال موسم عمرة 1443 هجرية، وهي 2000 جنيه رسم اعتماد أو تصديق عقد الشركة السياحية إلكترونياً مع الوكلاء السعوديين على البوابة المصرية للعمرة، و500 جنيه رسم إصدار اسم مستخدم وكلمة مرور للبوابة، و500 جنيه رسم استخراج شهادة خاصة ببيانات الشركة السياحية على البوابة، أي أن كل شركة عليها أن تدفع 3 آلاف جنيه قبل أن تباشر عملها حتى بخلاف الرسوم التي تم دفعها في بداية الاشتراك في البوابة والتي تبلغ 7 آلاف جنيه.
وكما هي العادة في مصر تم تحميل كل هذه المصروفات على “الزبون” وهو هنا المعتمر، حيث ارتفعت أسعار عمرة العشر الأواخر من رمضان إلى حوالي 70 ألف جنيه لفئة الثلاثة نجوم والتي تعني سكناً في غرفة رباعية وسفراً على الدرجة السياحية.
بينما تصل تكلفة العمرة ذات الخمسة نجوم إلى 150 ألف جنيه وتتضمن الطيران على الدرجة الأولى، وإقامة لمدة 15 يوماً في فنادق تطل على الحرم مباشرة ومطعم مفتوح 24 ساعة ومميزات أخرى، وهي أسعار خرافية مقارنة بما كان عليه الحال قبل سنوات حين كانت عمرة الـ3 نجوم لا تتجاوز 10 آلاف جنيه في حدها الأقصى.
ويتضمن قانون بوابة العمرة المصرية الذي صدق عليه الرئيس المصري في يونيو/حزيران من العام الماضي 2021، العديد من المواد منها “مع مراعاة القواعد المعمول بها في المملكة العربية السعودية في شأن منح التأشيرات التي تسمح بأداء العمرة تسري أحكام هذا القانون على طالبي الحصول على تأشيرات العمرة باستثناء تأشيرات الزيارة العائلية والتجارية ورجال الأعمال والمؤتمرات والترانزيت، وكذا تأشيرة الإقامة، والتأشيرات الممنوحة لحاملي جوازات السفر الرسمية الدبلوماسية والخاصة وجوازات المهمات، والتأشيرات الممنوحة للوفود الرسمية”.
وفي المادة الرابعة: تتولى الغرفة المختصة تسجيل الشركات السياحية وكذا الشركات والمؤسسات والوكلاء السعوديون على البوابة، كما توثق العقود المبرمة بين الطرفين وتلتزم الشركات السياحية بوضع برامج العمرة التي تنظمها على البوابة موضحاً بها أسماء المعتمرين المسافرين من خلالها والرقم القومي لكل منهم، وتمنح الوزارة شركات السياحة الكود التعريفي الخاص بكل معتمر، ثم ترسل أسماء المعتمرين إلى شركات الطيران أو النقل البري أو البحري لإصدار تذاكر السفر لهم.
كما تقوم البوابة بربط الكود التعريفي الخاص بكل معتمر مع الإدارة العامة للجوازات والهجرة بوزارة الداخلية ثم إرسالها إلكترونياً لأقسام الجوازات بمنافذ الجمهورية.
وفي المادة الخامسة: “لا يجوز تنفيذ رحلات العمرة إلا من خلال الشركات السياحية المرخص لها بمزاولة النشاط وفقاً لأحكام القانون رقم ٣٧ لسنة ١٩٧٧، ويصدر بالقواعد والإجراءات المنظمة لتنفيذ الرحلات المشار إليها سنوياً قرار من الوزير المختص بالتنسيق مع غرفة شركات السياحة”.
وفي المادة السادسة: تلزم الشركات السياحية بسداد تأمين مؤقت عن رحلات العمرة التي تنظمها ويصدر بتحديد قيمته وقواعد حسابه واسترداده قرار من الوزير المختص بعد أخذ رأي الغرفة المختصة، ويحصل التأمين نقداً أو بأي وسيلة من الوسائل المنصوص عليها بقانون تنظيم الدفع غير النقدي.
وفي المادة العاشرة: فإنه للوزير المختص بقرار مسبب إيقاف نشاط الشركة السياحية كلياً أو جزئياً عن ممارسة نشاط العمرة لمدة لا تجاوز عاماً في حالة مخالفة القواعد والإجراءات المشار إليها، وفي حالة تكرار المخالفة يلغى ترخيص شركات السياحة.
وفي المادة ١٢: يعاقب بغرامة لا تقل عن ٥٠٠ ألف جنيه، ولا تزيد عن ٢ مليون جنيه، كل من نفذ رحلات أداء مناسك العمرة بالمخالفة لهذا القانون، وفي حالة التكرار يضاعف الحدان الأدنى والأقصى للغرامة.
مادة ١٣ يعاقب بغرامة لا تقل عن مليون جنيه ولا تزيد عن ٣ ملايين جنيه كل من نفذ رحلات العمرة من غير شركات السياحة المرخص لها بمزاولة النشاط، ومن لم يلتزم من شركات الطيران والنقل البري والبحري بمطابقة البيانات الخاصة لكل معتمر مع البيانات المسجلة لدى البوابة قبل مغادرة المعتمر لأي من منافذ الجمهورية، وفي حالة التكرار يضاعف الحدان الأدنى والأقصى.
أما المادة ١٤ فيعاقب بالحبس كل من زور بنفسه أو بواسطة غيره الكود التعريفي المنصوص عليه في هذا القانون.
وفي المادة ١٦ تؤول حصيلة الرسوم المقررة في هذا القانون إلى موازنة الوزارة المختصة بشؤون السياحة، وتوزع مناصفة فيما بين وزارة المالية وصندوق السياحة، وذلك بهدف دعم وتمويل الأنشطة التي تعمل على تنمية السياحة وتطوير الخدمات والمناطق السياحية.